ثوابت التغيير (7)
ثوابت التغيير (7) مع أشرف الشربيني
شمولية الإسلام
تميز الإسلام بأنه نظام شامل ينتظم كل مناحي الحياة؛ فقد قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89].. كذلك فالقرآن هو تنزيل رب العالمين؛ ولذلك جاء تبيانًا لكل شيء.. أيضا فهو يجمع بين الدنيا والآخرة، بين الروحانية والمادية، بين الواقعية والمثالية.. كما هو يدير شئون الفرد وشئون الأسرة وشئون المجتمع.. أيضا كما أنه نظام سياسي، ومنظومة اجتماعية، ومؤسسة اقتصادية.. كما أنه قبل كل هذا صلة بين العبد وربه.. حيث يقول تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162].
كذلك ولقد تعددت المحاولات لتفريغ الإسلام من هذه الميزة الكبرى التي تعد مصدر الحياة والانتشار له .. واختلفت الأغراض من وراء هذه الحملات؛ فمنها ما كان مقصده خالصًا وسليمًا.. ولكن كان عنده عوار في الفهم، فتصور الإسلام على أنه عبادة بين جدران المحراب فقط.. أيضا ومنها ما كان عن سوء نية وخبث طوية؛ فجاءت محاولات من أعداء الدين الذين سعوا إلى تفكيك الإسلام وتجزئته، فهم يريدونه دينًا لاهوتيًا محصورًا في ضمير الفرد فقط، ويريدونه عقيدة بلا شريعة، أو عبادة بلا معاملات.
ثوابت التغيير (7)
ونظرًا لخطورة الأمر أصبح حريًا بالدعاة إلى الله تعالى في هذا الوقت أن يعوا هذه الدسائس جيدًا، وأن يكونوا على بصيرة من أمرهم وهدى من ربهم؛ فلا تغيب عن عقيدتهم شمولية الإسلام وانتظامه كل مظاهر الحياة كما أراده الله رب العالمين.
والداعية المتبحّر في تخصصه، لا يعني هذا عدم اطلاعه على غير فنه؛ فإن باب العلم أوسع من أن يُحجّر؛ بل إني أرى من الواجب عليه أن يكون بدراية بالواقع ومتطلباته، وأن يُلمّ بنتف من فنون أخرى، وأن يدرك قشورها ومفاتيحها مواكبة وثقافة واطلاعًا، فديننا الإسلامي دين الشمول؛ فيجب علينا أن نعيش الحياة بتكامل، فالقاعدة تقول: تعلّم شيء عن كل شيء تصبح مثقفًا، وتعلّم كل شيء عن شيء تصبح عالمًا؛ لأن الواقع يجعل موقفنا من التخصص أن نستزيد ونتعلم ونتابع كل مستجد مع التقنيات المستمرة والعقول المفكرة، وأن نتعلم لنعمل وننتج ونرتقي بأمتنا .
إن الترهل الذي تثاقل بأمتنا منذ زمن من أنجع أدويته التخصص، ولذا علينا أن نرحل من العموم إلى الخصوص، ويكون ذلك فيما يحتاجه الناس فيداوي عللهم ويشفي أسقامهم، فبيئة المجتمع هي أكثر ما يجعلنا نختار الأفضل عندما نقف حائرين بين خيارات تخصصية متعددة، فكم ممن يحمل درجات علمية عالية ثم للأسف أنها مريخية ويشتاظ غضبًا ألا يُأبه له.