البدع والكبائر
البدع والكبائر الحكاية من البداية (17) مع د. مروة إبراهيم
فالترتيب المذكور صحيح، فالشرك هو أقبح ذنب عصي الله تعالى به، ويليه في القبح البدعة، ثم الكبيرة، ثم تأتي بعد ذلك الصغيرة،
كما قال ابن القيم في بدائع الفوائد في معرض حديثه عن شر الشيطان: ولا يمكن حصر أجناس شره فضلا عن آحادها إذ كل شر في العالم فهو السبب فيه،
ولكن ينحصر شره في ستة أجناس لا يزال بابن آدم حتى ينال منه واحدا منها أو أكثر،
إذا الشر الأول شر الكفر والشرك ومعاداة الله ورسوله،
فإذا ظفر بذلك من ابن آدم برد أنينه واستراح من تعبه معه، وهو أول ما يريد من العبد،
فلا يزال به حتى يناله منه، فإذا نال ذلك صيره من جنده وعسكره واستنابه على أمثاله وأشكاله فصار من دعاة إبليس ونوابه،
فإذا يئس منه من ذلك وكان ممن سبق له الإسلام في بطن أمه نقله إلى المرتبة الثانية من الشر
وهي البدعة وهي أحب إليه من الفسوق والمعاصي؛ لأن ضررها في نفس الدين،
البدع والكبائر
وهو ضرر متعد وهي ذنب لا يتاب منه، وهي مخالفة لدعوة الرسل ودعوة إلى خلاف ما جاءوا به وهي باب الكفر والشرك،
فإذا نال منه البدعة وجعله من أهلها بقي أيضا نائبه وداعيا من دعاته،
فإن أعجزه من هذه المرتبة وكان العبد ممن سبقت له من الله موهبة السنة
أيضا ومعاداة أهل البدع والضلال نقله إلى المرتبة الثالثة من الشر وهي الكبائر على اختلاف أنواعها فهو أشد حرصا…“.
إلى أن قال: فإن عجز الشيطان عن هذه المرتبة نقله إلى المرتبة الرابعة وهي الصغائر التي إذا اجتمعت فربما أهلكت صاحبها. انتهى .
وهذا النقل يبين صحة التقسيم، وأن جنس البدع أخطر من جنس المعاصي، ولا يعني ذلك أن كل بدعة أكبر من كل كبيرة،
البدعة معصية، وزيادة، وهي من حيث أثرها، وكونها تقدمًا بين يدي الله ورسوله أشد،
حتى إن بعض أهل العلم
قال: إنه لا توبة لمبتدع؛ لأن البدعة تنتشر، وردها صعب بعد انتشارها، لا سيما وأن البدعة غالباً تغلف بأمر عاطفي،
وأنتم تعرفون أن عاطفة المسلمين بالنسبة لله، ورسوله شديدة جدًّا، فقد تكون البدعة أكبر،
وقد تكون المعصية أكبر حسب الحال، لكن لو تساوتا من حيث الوزن، فآثار البدعة أشد، وأضر على المسلمين