يعبدون الله على حرف
قال تعالى: « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ
وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ «
سورة الحج –الآية 11.
إذا من الناس من يعبد الله -سبحانه وتعالى- على جانب وطرف من الدين، وهؤلاء هم الذين لا يعبدون الله على ثقة، ولم يتمكن الايمان في قلوبهم.
ذلك لأن عقيدتهم مزعزعة فهم المتذبذبون، يعبدون الله بألسنتهم دون قلوبهم. كالذي يكون على طرف الجيش في المعركة،
أيضا لو شعر بالنصر ثبت واستقرّ، و اذا شعر بالهزيمة لم يثبت بل يفرّ. فإن ناله من صحة وعافية ومال،
كذلك استقر على دينه واطمأن له، واستبشر بهذا الخير. وإن ناله بلاء ومحنة رجع وارتد الى ما كان عليه.
(كان رجل في المدينة فيسلم فإن ولدت امرأته غلاماً ونجت خيله قال: هذا دين صالح وإن لم تلد ولداً ولم تنجُ خيله قال: هذا دين سوء.
فأنزل الله (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ…) أخرجه البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(قال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: أسلم رجل من اليهود فذهب بصره وخسر ماله فتشاءم بالإسلام فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أقلني. فقال: إن الإسلام لا يقال. فقال:
إني لم أصب في ديني هذا خيراً ذهب بصري ومالي وولدي. فقال: يا يهودي إن الإسلام يسبك الرجال كما تسبك النار خبث الحديد والفضة والذهب).
كما ذكره الذهبي في الميزان والقرطبي والسيوطي في الدّر.
يعبدون الله على حرف
أيضا هذا الانسان المذبذب خسر دنياه وآخرته، وضيع نفعهما وأصبح يتخبط في شقاء دائم، خسر العزّة والكرامة والطمأنينة.
كذلك فالآية تبين لنا صفة من صفات ضعف الايمان، وهي التقلب في عبادته، فإذا أصابته مصيبة اضطرب،
أيضا وترك صلاته فلم تصقله. أما صاحب الايمان القوي فإن المصيبة تزيد في ايمانه وتقواه.
كما أن هذا الانسان الذي عبد الله على حرف، أي طرف من الدين، يبقى إيمانه مزعزعاً مضطرباً قلقاً،
إذا فأي حدث يصيبه من خسارة وهزيمة، ينحرف بسببه عن الصواب، ويتشاءم مما أصابه.