يسألونك موسم رمضان (2)
يسألونك (موسم رمضان) (2) مع د يوسف عبدالدايم
صلاة التراويح
شرِعت صلاة التراويح جماعة في عهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلّم-؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها- أنّه -عليه الصلاة والسلام- صلّاها بالناس ثلاث مرّات،
وفي اليوم الرابع لم يخرج، فسأله بعض الصحابة عن سبب عدم مجيئه إلى صلاة التراويح،
فقال: (خَشِيتُ أنْ تفْتَرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا، فَتوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والأمْرُ علَى ذلكَ)،
وذهب بعض العلماء إلى أنَّ هذا الحديث يشعر بأنّها لم تشرَع إلّا في آخر سنوات الهجرة؛
ذلك لعدم ورود الأحاديث التي تبيّن أنّ النبيّ صلّاها مرّة أُخرى، وفقا لموقع موضوع.
وتعد صلاة التراويح من شعائر الإسلام العظيمة التي تؤدّى في شهر رمضان المبارك،
كذلك وقد أجمع العلماء على أنّها سنّة مُؤكّدة، ووردت الكثير من الأحاديث في بيان فضل هذه الصلاة، منها قول النبيّ:
(كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ،
فيَقولُ: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)،
فصلّاها النبيّ وصلّاها الصحابة معه جماعة، وبعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، استمرّ الصحابة في صلاتها منفردين،
وفي عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، رآهم يصلّون متفرّقين، ورأى أنّ بعضهم لا يحسن القراءة؛ فجمعهم على إمام،
أيضا ورأى أنّ ذلك أفضل من صلاتهم متفرّقين، وكان ذلك أوّل اجتماع للمسلمين على إمام واحد في صلاة التراويح.
سبب تسمية صلاة التراويح بهذا الاسم
تطلَق كلمة التراويح على الجلوس مطلَقاً، وسمِّيت بهذا الاسم؛ لأنّ المصلّين يجلسون للاستراحة فيها بعد كلّ أربع ركعات،
واتّفق الفقهاء على مشروعيّة هذه الاستراحة بعد كلّ أربع ركعات؛
لورودها عن السلف؛ لأنّهم كانوا يطيلون القيام في صلاة التراويح، فيجلسون للاستراحة،
يسألونك موسم رمضان (2)
وقد ذهب الحنفية إلى أنّ حكم هذه الاستراحة مندوب، وعلى المصلّي إشغالها بالسكوت، أو الصلاة، أو التسبيح، أو قراءة القرآن،
كذلك في حين يرى الحنابلة بجواز ترك الاستراحة بعد كلّ أربع ركعات، ولا يسَنّ لمَن جلس للاستراحة أن يدعو بدعاء معيَّن.
مشروعيّة الجماعة في صلاة التراويح
أجمع الفقهاء على أنّ الاجتماع لصلاة التراويح من الأمور المشروعة؛ لفعل النبيّ،
كذلك وفعل صحابته من بعده، واستمرار العمل على ذلك إلى الوقت الحاليّ،
أيضا وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ صلاة التراويح في جماعة سنّة مؤكّدة، في حين يرى الحنفية أنّها سنّة على الكفاية؛
فلو ترك الجميع صلاة التراويح في جماعة فقد أساؤوا، ولكن لو تركها البعض وصلّوها في البيت،
فقد تركوا أجراً عظيماً، وإن صلّاها في البيت جماعة لم يتحصّل على الأجر كما لو صلّاها في المسجد.
أمّا المالكية فقد ندبوا صلاة التراويح في البيت؛ لحديث النبيّ بتفضيل صلاة السنّة في البيت إن لم يكن هناك تعطيل لها في المساجد،
وأن لا يكون تركها تكاسلاً وقعوداً عن الصلاة نتيجة عدم خروجه إلى المسجد، وأن يكون غير موجود في الحرمين،
وما عدا ذلك فالصلاة له في المسجد أفضل، ويرى الشافعية سنّية الجماعة في صلاة التراويح،
أمّا الحنابلة فيَرون تفضيل صلاتها جماعة على صلاتها فرادى، وإن تعذّر عليه أن يصلّيها في الجماعة، فله أن يصلّيها وحده.