التزكيةلنثبت به فؤادك

لنثبت به فؤادك (5)

لنثبت به فؤادك (5)

إذا فقد أثنى الله تبارك وتعالى على الذين يستعملون عقولهم الاستعمال الحسن، ويوظفونها التوظيف الموفق. يقول الله تعالى:

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ

فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).

وقد وصف الله تعالى أولي الألباب بصفتين أساسيتين جامعتين لكل صفات الخير،

وخصال البر هما؛ ذكر الله تعالى والتفكر في خلق السماوات والأرض يقول سبحانه:

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأولِي الْأَلْبَابِ*

الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقعُودًا وَعَلَىٰ جنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).

مجالات التفكر

يقول الله تعالى: (قلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أوْلُوا الْأَلْبَابِ)

ينقسم العلم إلى ثلاثة أقسام هي: العلم بمخلوقات الله، والعلم بشرع الله، والعلم بذات الله،

ويتحقق القسم الأول والثاني بالمدارسة والمذاكرة، بينما يتحقق القسم الثالث بالمجاهدة والمحاسبة.

ومجال التفكر إنما يكون في القسمين الأول، والقسم الثاني: أي التفكر في مخلوقات الله،

والتفكر في شرع الله تعالى، ولا مجال للتفكر في ذات الله تعالى،

لنثبت به فؤادك (5)

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « تفكروا في الخلق، ولا تتفكروا في الخالق، فإنه لا يدرك إلا بتصديقه» رواه الربيع. رقم الحديث:823.

وعليه فإن دائرة التفكر واسعة تشمل كل ما يدخل في قوتنا الإدراكية، أما ما يكون فوقها فلا يصح التفكر فيه،

بل التفكر فيه إنما هو شطط، وغرور، يعود على صاحبه بالخسران، لأنه إقحام للعقل في عالم الغيب.

إن مجالات التفكر المشروعة كثيرة لا يحصيها إلا من أوجدها، وهو الله تعالى؛

فالسماوات بما تحتويه من مجرات، ونجوم، وشموس، وأقمار، وكواكب، ومذنبات، ومخلوقات،

أيضا وكائنات منها ما يقع تحت العين المجردة، ومنها ما لا يقع تحتها،

إذا فهناك مخلوقات متناهية في الصغر، والحجم، وهناك مخلوقات بعيدة جدًا، كل ذلك وغيره مجال رحب للتفكر، والأرض وما فيها، وما عليها،

كذلك وما يحدث فيها من ظواهر كونية كالرياح، والأمطار، والرعد، والبرق، وتعاقب الليل، والنهار، وتتابع الأيام، والشهور، والفصول، والأعوام،

كل ذلك وغيره ميدان واسع للتفكر. هناك كتاب جليل القدر في هذا الشأن جدير بالاطلاع والقراءة

عنوانه « الفكر والاعتبار» للشيخ درويش بن جمعة المحروقي رحمه الله تعالى.

 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى