منوعات دعوة

تعلموا الأدب من الصحابة

تعلموا الأدب من الصحابة

تعلموا الأدب من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

إن الاختلاف سُنة كونية، سنَّها الله تعالى لعباده لأخذ العبرة والعظة، ولِما في ذلك من التدبر والتفكر في خلقه؛
حيث جاء في محكم كتابه:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ﴾ [الروم: 22]،
فجعل الاختلاف آيةً من آياته؛ لتكون لنا عبرة ودليلًا على عظيم خلقه.

والاختلاف موجود منذ بدء الخليقة، فلا يمكن جمعُ البشر جميعًا على كلمة واحدة أو رأي واحد، ولذلك قال العليم الخبير:

﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ [هود: 118، 119]؛

قال ابن كثير: “أي ولا يزال الخلفُ بين الناس في أديانهم واعتقادات مِللهم ونِحلهم، ومناهجهم وآرائهم؛

كما قال الحسن البصري: الناس مختلفون على أديان شتى، إلا مَن رَحِمَ ربُّك، فمَن رَحِمَ ربُّك غيرُ مختلف”[2].

لكن للأسف الشديد، فإنه حلَّ محلَّ الاختلاف المحمود الاختلافُ المذموم، وانتشر في الأمة عموديًّا وأفقيًّا، وفي كل الفئات وعلى مختلف المستويات،

كما استعملت فيه كل الوسائل القدحية من تنقيص وتحقير، بل من تكفيرٍ وتفسيق،

حتى كاد يصل الأمر عند بعض المختلفين إلى الاستنصار والتقوي بأعداء الدين على صاحب الرأي المخالف،

أيضا وترسخ ذلك في اللاشعور نتيجة للتخلف والتأخر الذي عرَفته مجتمعاتنا الإسلامية؛ لأن المختلفين ابتعدوا عن القصد من الاختلاف،

ولم يلتزموا آدابَه التي سار عليها بناةُ الدعوة الإسلامية الأولون؛ من صحابة راشدين مهديين، وتابعين متقين وأئمة وفقهاء،

أيضا ومفكرين التزموا الموضوعية حول الاختلاف وأسبابه ومبرراته، فتقارب فكرُهم ووِجدانهم، وابتعدوا عن التباين والتضاد
وعلى الرغم مِن ندرة الاختلاف على عهده صلى الله عليه وسلم،

تعلموا الأدب من الصحابة

كذلك فإنه كان حريصًا على تعليم صحابته الكرام رضوان الله عليهم آدابًا مهمة من آداب الاختلاف؛ كالاختلاف في قراءة القرآن،

أيضا ومن ذلك ما رواه جندب بن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اقرؤوا القرآن ما ائتلفتْ قلوبُكم، فإذا اختلفتُم فقوموا عنه))

كما قال ابن بطال رحمه الله في شرح الحديث: “فيه الحثُّ على الأُلفة والتحذير من الفرقة في الدين،

فكأنه قال: اقرؤوا القرآن، والزَموا الائتلاف على ما دل عليه وقاد إليه، فإذا اختلفتم فقوموا عنه؛

أي: فإذا عرض عارضٌ بشُبهة توجب المنازعة الداعية إلى الفُرقة، فقوموا عنه؛ أي:

فاتركوا تلك الشبهة الداعية إلى الفرقة، وارجعوا إلى المحكم الموجب للأُلفة، وقوموا للاختلاف وعما أدى إليه، وقاد إليه،

لا أنه أمر بترك قراءة القرآن باختلاف القراءات التي أباحها لهم؛ لأنه قال لابن مسعود والرجل الذي أنكر عليه مخالفتَه له في القراءة:

أيضا (كلاهما محسن)، فدل أنه لم ينهَه عما جعله فيه محسنًا، وإنما نهاه عن الاختلاف المؤدي إلى الهلاك بالفرقة في الدين”

 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى