الأمثال في القرآن الكريم
أمثال القرآن | أنوار التنزيل (20) مع الشيخ عبدالخالق الشريف
ضرب الأمثال في القرآن الكريم من أساليب الصياغة الفنية الرائعة، الدالة على إعجاز القرآن، في إبراز المعاني في قالب حسن يقربها إلى الأفهام، وفي صور حية تستقر في الأذهان.
وذلك بتشبيه الغائب بالحاضر والمعقول بالمحسوس، وقياس النظير على النظير، قال الله تعالى:
( وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ ) [العنكبوت: ٤٣].
وقال سبحانه: وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الحشر: ٢١].
معني المثل
والأمثال: جمع مثل، والمثل والمثل والمثيل: كالشبّه والشبه والشبيه، لفظا ومعنى.
أيضا والمثل في القرآن الكريم: هو إبراز المعنى في صورة رائعة موجزة لها وقعها في النفس، سواء كانت تشبيها أو قولا مرسلا.
كذلك ومثال التشبيه الصريح- الذي ذكر فيه الممثل له- قوله تعالى:
إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ [يونس: ٢٤].
وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات: ١٢].
الفرق بين الأمثال والقصص
كما أن بين الأمثال والقصص فارقا كبيرا، وإن كان يجمعهما قدر مشترك من تنبيه الذهن إلى أخذ العبرة وقياس الحال على الحال.
وهذا الفارق هو: أن الأمثال لا يشترط في صحتها أن تكون واقعة تاريخية ثابتة، وإنما يشترط فقط إمكان وقوعها، حتى يتسنى للذهن تصورها كما لو أنها وقعت فعلا.
كذلك وليس معنى هذا أننا نشترط في الأمثال عدم صحتها في نطاق الواقع التاريخي،
إذ ربما ضرب المثل بقصة واقعة، وتسمى القصة عندئذ تمثيلا، لأنها وردت للتمثيل لا للإخبار عنها.
أهمية الأمثال في القرآن
إذا معرفة أمثال القرآن مهمة جدا، ولا بد منها للعالم المجتهد، والقارئ المعتبر،
فقد أخرج البيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«إن القرآن نزل على خمسة أوجه: حلال وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال. فاعملوا بالحلال، واجتنبوا الحرام، واتبعوا المحكم، وآمنوا بالمتشابه، واعتبروا بالأمثال»
أيضا ويوضّح عبد القاهر الجرجاني أهمية الأمثال في إبراز المعاني فيقول:
«واعلم أن مما اتفق العقلاء عليه أن التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني، أو أبرزت هي باختصار في معرضه،
ونقلت عن صورها الأصلية إلى صورته، كساها أبهة، وأكسبها منقبة، ورفع من أقدارها، وشبّ من نارها .. فإن كان مدحا كان أبهى وأفخم ..
وإن كان اعتذارا كان إلى القبول أقرب وللقلوب أخلب، وإن كان وعظا كان أشفى للصدر وأدعى إلى الفكر … »